الجنون كما أراه
_______
جَنَّ أى إستتر أو أظلم، جُنَّ جنونا و جنه و مجنه أى زال عقله أو فسد فهو مجنون و الجمع مجانين
هذا من الناحيه اللغويه أما من الناحيه الدلاليه فأجد فى ذهنى مدلولين لكلمة الجنون : حقبقى و مجازى
أما الحقيقى
فيطلقه الناس على المصابين بأمراض عصبيه أو نفسيه و لكن لا يوجد حقيقة أى مرض نفسى أو عصبى يسمى الجنون فلماذا إعتاد الناس على إستخدام تللك الكلمه؟
أرى أنه لما كانت الأمراض موجوده قبل العلم و قبل إطلاق الأسماء العلميه عليها كان من اللازم أن يكون لها إسم ما و لما كانت كلها تشترك فى شىء أساسى واحد و هو أن يصير المصاب غير طبيعيا غير مسؤلا و المسؤليه مناطها العقل فيصبح مجنونا. وأرى أيضا أن الأسماء العلميه لم تستطع أن تحل محل كلمة مجنون لأنها أولا : غير عربيه و تعريباتها معقده مثل : schizophrania الفصام , mania الهوس , paranoia الرُهاب , depression الإكتئاب
ثانيا: تستلزم التفريق بين الأعراض من مرض لآخر و هو ما يكلف العامه ما لا يطيقون
و أما المجازى
فيطلقه الناس على طائفتين من البشر : الفنانين و الغاضبين ؛ فعندما يتملك شيطان الغضب من الإنسان يصبح مجنونا ؛ لا يدرى ماذا يفعل و لا يملك أدنى سيطرة على نفسه -إلا من رحم ربى- ويصير تغلب الإنسان على شيطانه حال الغضب من أكبر تحديات حياته ، و الأحاديث الشريفه التى توضح مكانة القادر على أن يملك نفسه عند الغضب كثيره ، و جنون الفنانين ذلك الجنون المحبب الذى أعتبره أنا شىء طبيعى تماما يتمثل فى الحريه،فما أن يرغب الفنان فى شىء ما - مشروطا بكونه حلالا فى رأى_ حتى يفعله مهما كان غريبا ، ولا يجد الفنان طعما للحياة من دون هذا الإكتشاف المتجدد للأشياء ، و إنى أرى أن إختزال حرية الإنسان المبدع التى كفلها له الله و لم يمنعها قط فى لفظة الجنون نتج عن عصور الإستبداد و القهر التى عاشها و يعيشها هذا الشعب على كافة المستويات من الحاكم إلى الأب و إعتياده عليها حتى صارت جزءا من حياته اليوميه الممله - تلك الدائرة المغلقة عديمة اللون - فصار قدرا بسيطا من ممارسة الإنسان لحريته جنون ، و من الناحية الأخرى فرح المبدعون كثيرا بهذه الكلمه لبحثهم المستمر عن التميز و التفرد و الإختلاف و لو تأنوا قليلا لوجدوا أنها تضرب فى أساس حريتهم و تجعلها شيئا منبوذا - و هى البريئة تماما من ذلك - من الناس إذ أنه ليس على المجنون حرج و الفنان المجنون فى مخيلتهم يزنى و يشرب الخمر و من الممكن جدا أن يكون شاذا
نتيجة لشيوع ذلك المفهوم عن الإبداع ، نسب كثيرون أنفسهم لحركة الفن فقط لنيل تلك الحريه غير المشروطه. فتجد الشاب أو الشابه الذى لا زال يتعلم العَرُوض أو أبجديات القَص أو طريقة التحرك على المسرح منغمسا فى الحشيش و الليالى البمبى و يقرأ عن التشظى و العبثيه و كأنه وُلد فى فرنسا و لم يولد على يدين سمراوين لداية عجوز ، و كأنه شب على مشهد برج إيفيل و لم ينمو مُكحلا بمشهد الحسين و خان الخليلى ، و كأن تلك الأذن التى شربت المسحراتى و عد صوابعك كام خنصر بنصر وسطى سبابه إبهام و جرس الفسحه ضرب ضرب ، تربت على أنغام توينكل توينكل ليتل ستار
و إيييييييييييييييييييييه؟؟؟
و أحلى سلاااااااااااااااااااااااااااااااااااااام بقه :)